شعر: د. يوسف القرضاوي هو الرسول فكن في الشعر حسانا ***وصغ من القلب في ذكراه ألحانا ذكرى النبي الذي أحيا الهدى وكسا*** بالعلم والنور شعبًا كان عريانا أطلَّ فجر هداه والدجى عممُ ***بات الأنام وظلوا فيه عميانا هذا يصور تمثالاً ويعبده*** وذاك يعبد أحبارًا وكهَّانا الكون بحرٌ عميقٌ لا منار به ***لم يدرِ فيه بنو الإنسان شطئانا ويل الصغير وقد صار الورى سمكًا ***يسطو الكبير عليه غير خشيانا! فدولة الروم حوتٌ فاغرٌ فمه ***يطغى على تلكُم الأسماك طغيانا ودولة الفرس حوتٌ مثله كشرت*** أنيابه للورى بغيًا وعدوانا وحشيةٌ عمَّت الدنيا أظافرها ***جهالةٌ أصلت الأكوان نيرانا! الليل طال ألا فجر يبدده؟!*** ربَّاه.. أرسل لنا فلكًا وربانا! هناك لاح سنا المختار مؤتلقًا*** يهدي إلى الله أعجامًا وعربانا يتلو كتاب هدًى كان الإخاء له*** بدءًا وكان له التوحيد عنوانا لا كبر- فالناس إخوان سواسية*** لا ذلَّ إلا لمن سوَّاك إنسانا يقود دعوته في اليمِّ باخرةٌ ***تقل من أمَّها شيبًا وشبانا السلم رايتها والله غايتها ***لم تبغ إلا هدًى منه ورضوانا جرت بركبانها.. لا الريح زلزلها*** ولا يد الموج مهما ثار بركانا وكم أراد العِدا إضلالها عبثًا ***وحاول خرقها بالعنف أزمانا واها! أتُخرق والرحمن صانعها؟ ***والله حارسها من كل من خانا؟! أم هل تضل سفين "بيت إبرتها"*** وحي من الله يهدي كل حيرانا؟! أم كيف لا تصل الشطئان باخرةٌ*** ربانها خير خلق الله إنسانا؟! تلك الرواية والَهْفِي ممثلةٌ*** في العالم اليوم في بلدانه الآنا إن يختلف الاسم فالموضوع متَّحِدٌ ***مهما تلوَّنت الأشخاص ألوانا فالناس قد تَّخذوا الأهواء آلهةً*** إن كان قد تَّخذ الماضون أوثانا الشعب يعبد قوادًا تضلله ***كما يضلل ذو الإفلاس صبيانا والحاكمون غدا الكرسيُّ ربهمو*** يقدمون له الأوطان قربانا إن ماتت الفرس فالروسيا تمثلها*** أما ستالين فهو اليوم كِسرانا وإن تزل دولة الرومان فالتمسوا ***في الإنجليز وفي الأمريك رومانا وإن يمت قيصر فانظر لصورته ***وإن يكونوا همو في البحر حيتانا **** يا خير من ربت الأبطال بعثته*** ومن بنى يهمو للحق أركانا خلفت جيلاً من الأصحاب سيرتهم*** تضوع بين الورى روحًا وريحانا كانت فتوحهمو برًّا ومرحمة*** كانت سياستهم عدلاً وإحسانا لم يعرفوا الدين أورادًا ومسبحةً ***بل أشربوا الدين محرابًا وميدانا فقل لمن ظن أن الدين منفصل*** عن السياسة: خذ يا غرُّ برهانا هل كان أحمد يومًا حلس صومعة*** أو كان أصحابه في الدير رهبانا؟! هل كان غير كتاب الله مرجعهم ***أو كان غير رسول الله سلطانا؟! لا، بل مضى الدين دستورًا لدولتهم*** وأصبح الدين للأشخاص ميزانا يرضى النبي أبا بكر لدينهمو*** فيعلن الجمع: نرضاه لدنيانا *** يا سيد الرسل طب نفسًا بطائفة*** باعوا إلى الله أرواحًا وأبدانا قادوا السفين فما ضلوا ولا وقفوا*** وكيف لا وقد اختاروك ربَّانا؟! أعطوا ضريبتهم للدين من دمهم ***والناس تزعم نصر الدين مجانا أعطوا ضريبتهم صبرًا على محن*** صاغت بلالاً وعمارًا وسلمانا عاشوا على الحب أفواهًا وأفئدةً ***باتوا على البؤس والنعماء إخوانا الله يعرفهم أنصار دعوته*** والناس تعرفهم للخير أعوانا والليل يعرفهم عُبَّاد هجعته ***والحرب تعرفهم في الروع فرسانا دستورهم لا فرنسا قننتْه ولا*** روما، ولكن قد اختاروه قرآنا زعيمهم خير خلق الله لا بشر*** إن يهد حينًا يضل القصد أحيانا! "الله أكبر".. ما زالت هتافهمو*** لا يسقطون ولا يحيون إنسانا *** نشكو إلى الله أحزابًا مضللةً ***كم أوسعونا إشاعات وبهتانا ما زال فينا ألوف من أبي لهب ***يؤذون أهل الهدى بغيًا ونكرانا ما زال لابن سلول شيعةٌ كثروا*** أضحى النفاق لهم وَسْمًا وعنوانا يا رب إنا ظُلمنا فانتصر، وأنر ***طريقنا، واحبنا بالحق سلطانا نشكو إليك حكومات تكيد لنا*** كيدًا وتفتح للسكسون أحضانا تبيح للهو حانات وأندية ***تؤوي ذوي العهر شُرَّابًا ومُجَّانا فما لدور الهدى تبقى مُغلَّقةً؟*** يمسي فتاها غريب الدار حيرانا يا رب نصرك، فالطاغوت أشعلها ***حربًا على الدين إلحادًا وكفرانا *** يا قوم قد أيد التاريخ حجتنا ***وحصحص الحق للمستبصر الآنا إنا أقمنا على إخلاص دعوتنا*** وصدقها ألف برهان وبرهانا لقد نفونا فقلنا: الماء أين جرى*** يحيي المَوات ويروي كل ظمآنا قالوا: إلى السجن، قلنا: شعبةٌ ***فُتِحت ليجمعونا بها في الله إخوانا قالوا: إلى الطور، قلنا: ذاك ***مؤتمرٌ فيه نقرِّر ما يخشاه أعدانا! فهو المصلَّى نزكِّي فيه أنفسنا ***وهو المصيف نقوي فيه أبدانا معسكر صاغنا جندًا لمعركة ***ومعهد زادنا للحق تبيانا من حرَّموا الجمع منا فوقَ أربعةٍ ***ضموا الألوف بغاب الطور أُسدانا! راموه منفًى وتضييقًا، فكان لنا ***بنعمة الحب والإيمان بستانا! هذا هو الطور شاءوا أن نذوب*** به وشاء ربك أن نزداد إيمانا
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق