::: فتاوى وأحكام في شهر شعبان:::
بسم الله الرحمن الرحيم
استحباب الصوم في شعبان
من فتاوى العلامة الدكتور يوسف القرضاوي:
السؤال:
هل هناك أيام معينة في شهر شعبان يستحب فيها الصيام ؟
الجواب:
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اتبعه إلى يوم الدين، وبعد
شهر شعبان كان من الشهور التي يحرص النبي صلى الله عليه وسلم على أن يصوم فيها أكثر من غيره من الشهور . روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شهر قط غير رمضان ، على خلاف ما يفعل بعض الناس في بعض البلاد العربية ، حيث يصومون ثلاثة أشهر : رجب ، شعبان ، ورمضان . والأيام الستة من شوال ، التي يسمونها (البيض) يبدأ الصيام عندهم من أول رجب إلى السابع من شوال ، ما عدا يوم العيد ، الأول من شوال . وهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة ولا عن التابعين .
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ، وتقول عائشة : كان يصوم حتى نقول : لا يفطر . ويفطر حتى نقول : لا يصوم ، وأحياناً يصوم الاثنين والخميس ، وأحياناً ثلاثة أيام من كل شهر ، وخاصة الأيام البيض القمرية . وأحياناً يصوم يوماً ويفطر يوماً ، كما كان يفعل داود عليه السلام ( أحب الصيام إلى الله صيام داود ، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً ) .
وكان عليه الصلاة والسلام أكثر ما يصوم في شهر شعبان ، وكأن ذلك نوع من التهيؤ والاستعداد لاستقبال رمضان . أما أن يصوم أياماً محددة ، فلم يرد قط .
وفي الشرع لا يجوز تخصيص يوم معين بالصيام ، أو ليلة معينة بالقيام دون سند شرعي.. إن هذا الأمر ليس من حق أحد أياً كان وإنما هو من حق الشارع فحسب .
تخصيص الأوقات ، أو تخصيص الأماكن بالعبادات ، وتحديد الصور والكيفيات ، هذا من شأن الشارع ومن حقه ، وليس من شأن البشر.
والله تعالى اعلم .
----------------------------------------
ليلة النصف من شعبان
من فتاوى العلامة الدكتور يوسف القرضاوي:
السؤال:
ما حكم دعاء نصف شعبان؟ وهل ورد في ليلة النصف من شعبان أحاديث صحيحة؟ إلى آخر ما يقال عن هذه الليلة..
الجواب:
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اتبعه إلى يوم الدين، وبعد:
ليلة النصف من شعبان، لم يأت فيها حديث وصل إلى درجة الصحة، هناك أحاديث حسنها بعض العلماء، وبعضهم ردها وقالوا بأنه لم يصح في ليلة النصف من شعبان أي حديث... فإن قلنا بالحسن، فكل ما ورد أنه يدعو في هذه الليلة، ويستغفر الله عز وجل، أما صيغة دعاء معين فهذا لم يرد، والدعاء الذي يقرأه بعض الناس في بعض البلاد، ويوزعونه مطبوعاً، دعاء لا أصل له، وهو خطأ، ولا يوافق المنقول ولا المعقول..
في هذا الدعاء نجد هذا القول: "اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقياً أو محروماً أو مطروداً أو مقتراً على في الرزق، فامح اللهم بفضلك شقاوتي، وحرماني وطردي، وإقتار رزقي وأثبتني عندك في أم الكتاب سعيداً مرزوقاً موفقاً للخيرات كلها فإنك قلت وقولك الحق في كتابك المنزل وعلى لسان نبيك المرسل: (يمحو الله ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب).
ففي هذا الكلام نرى تناقضاً واضحاً:
ففي أوله يقول: إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقياً أو محروماً.. فامح هذا وأثبتني عندك في أم الكتاب سعيداً مرزوقاً للخيرات.. لأنك قلت (يمحو الله ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب). فمعنى الآية أن أم الكتاب لا محو فيها ولا إثبات، فكيف يطالب بالمحو والإثبات في أم الكتاب.
ثم هذا الكلام ينافي ما جاء في أدب الدعاء، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: "إذا سألتم الله فاجزموا في المسألة" لا يقل أحدكم: يارب اغفر لي إن شئت، أو ارحمني إن شئت، أو ارزقني إن شئت، فإن الله لا مكره له، بل ينبغي أن ينبغي أن يقول: اغفر لي، ارحمني، ارزقني... بالجزم واليقين.. لأن هذا هو المطلوب ممن يدعو ربه عز وجل.
أما تعليق الدعاء على المشيئة والشرطية بقول الداعي "إن شئت" كما سلف، فليس هذا أسلوب الدعاء، ولا أدبه، ولا أسلوب المفتقر الذليل إلى ربه، بل هو أسلوب أشبه بأسلوب التأليف الركيك الذي لا يقبل في مثل هذا المقام من عباد الله المؤمنين.
وهذا يدلنا على أن الأدعية التي يضعها البشر ويخترعونها كثيراً ما تكون قاصرة عن أداء المعنى، بل قد تكون محرفة ومغلوطة ومتناقضة، إنه ليس أفضل مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أدعية مأثورة، لأنه يترتب عليها أجران: أجر الاتباع، وأجر الذكر.
فعلينا دائماً أن نحفظ هذه الأدعية النبوية، وأن ندعو بها. أما ليلة النصف من شعبان، فمعظم ما يفعل فيها من أشياء ليس وارداً، ولا صحيحاً ولا من السنة في شيء. أذكر أني كنت أقوم في صغري مع الناس تقليداً لهم، فنصلي ركعتين بنية طول العمر، وركعتين بنية الغنى عن الناس، وقراءة يس ثم صلاة ركعتين.. وغير ذلك.
وكل هذه تعبدات ما أمر الشرع بها، والأصل في العبادات، الحظر.. ليس للإنسان أن يخترع في عباداته ما يشاء، لأن الذي من حقه أن يعبد الناس وأن يرسم لهم العبادة هو الله عز وجل. (أم شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) فعلينا أن نقف عند ما ورد، ولا نفعل أكثر من الدعاء المأثور، إن كان ذلك حسنا... والله أعلم.
---------------------------------
صيام القضاء في شعبان
من فتاوى العلامة الدكتور يوسف القرضاوي:
السؤال: هل يجوز قضاء ما يفطر المسلم من رمضان في شهر شعبان ؟
الجواب:
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اتبعه إلى يوم الدين، وبعد :
ما فات من رمضان من أيام على المسلم أو على المسلمة فعليه أن يقضيه عند الاستطاعة حينما تتاح له الفرصة، طيلة أشهر العام، قبل رمضان التالي، ومعنى هذا أن أمام المسلم أحد عشر شهرًا يستطيع أن يقضي فيها ما فاته من رمضان، سواء كان أفطر لعذر مرض أو سفر أو لعذر حيض أو لغير ذلك من أعذار.
هناك نوع من السعة في الشرع، لقضاء ما فات من رمضان. يستطيع أن يقضي في شوال - أي بعد رمضان مباشرة . وما بعد شوال.
ولا شك أن المبادرة أفضل، مسارعة في الخيرات، كما قال تعالى:(فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ)(البقرة: من الآية148) " ولأن إنسانًا لا يضمن أجله، ولهذا يكون الأحوط لنفسه والأضمن لآخرته أن يعجل بإبراء ذمته بقضاء ما فاته. فإذا أجله لعذر ما، كشدة الحر، أو لضعف وعجز في صحته، أو طرأت عليه مشاغل لم يتمكن معها من الصوم قضاء ما فاته، يستطيع أن يقضي إلى رمضان الآتي. فإذا جاء شعبان ولم يقض ما فاته، فإن عليه أن يقضي في شعبان، لأنه الفرصة الأخيرة وقد كانت تفعل ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه، فقد كانت كثيرًا ما يفوتها بعض أيام من رمضان، فتقضيها في شعبان .. وذلك لا حرج فيه، وإن كان هناك اشتباه لدى بعض الناس في هذا الأمر، فهذا لا أساس له من الشرع .. إذ كل الشهور يمكن أن تكون محلاً لقضاء ما فات من رمضان.
ولكن هب أن إنسانًا كان مريضًا في شهر رمضان الماضي، وحتى الآن، وقد وافاه رمضان التالي وهو على حاله من المرض، لا يستطيع قضاء ما فاته إلا بمشقة شديدة وحرج وإعنات . ومثل هذا يبقى ما فاته من صيام رمضان دينًا مؤجلاً عليه إلى ما بعد رمضان، حين يستعيد صحته ومقدرته على الصيام، ولا حرج عليه في ذلك، فالله تعالى ختم آية الصوم بقوله: )يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )(البقرة: من الآية185)
والله أعلم
.....................
المصدر:موقع الشيخ يوسف القرضاوي
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق